يقول مقدم الجزء الأول من الكتاب أ. د رضوان السيد:
المقاربات جميعا في هذه المقالات مقاربات أخلاقية. وقد ساد هذا التفسير أو التأويل للدين في العقود الأخيرة. لكن المقاربات الأخلاقية تتعدد وجوهها أيضاً. فقد كان الطرحان الأولان اللذان استمدا مباشرةً من القرآن الكريم في الخمسينات من القرن الماضي لكل من محمد عبد الله دراز وإيزوتسو والأول في أطروحته بالسوربون أواخر الاربعينات والتي سماها المترجمون فميا بعد دستور الاخلاق في القرآن؛ بينما انهمك إيزوتسو وفي ثلاثة كتب بدراسة المفاهيم الأخلاقية والقرآن والإنسان وما ذكر أحد من بعد كتاب عباس محمود العقاد عن الإنسان في القرآن: ربما بسبب مزجه بين القرآن والفلسفة والقرآن والأنثروبولوجيا. حتى إذا وصلنا إلى السبعينات والثمانينات جرى المزج بين القرآن ومقاصد الشريعة التي استقرئت منه، ومن مقاصد الشريعة إلى حقوق الإنسان.
يفيد الأخ محمد الناصري من هذه الأنواع كلها، لكنه يتجاوزها كما يتبين من دراسته بعنوان قضايا في الفكر الأخلاقي، ومن دراسته حرية الاعتقاد في القرآن الكريم الأصل المنهجي لفقه التعارف والاجتماع الإنساني. فالذين كتبوا من قبل كان همهم الدفاع عن القرآن؛ بينما كان الناصري بين الذين درسوا المنهج القرآني في التعارف والاجتماع على أساس منه.
وبالطبع فإن كل قراءة للنص الديني هي قراءة تأويلية. لكن قد يكون التأويل تأصيلياً مثل مقالة الناصري في النسخ وشرعة السيف، وقد يكون مستقبليا أو مآليا مثل مقالته في استراتيجية المشتركات القيمية.
ويقول مقدم الجزء الثاني من الكتاب أ. د زكي الميلاد:
تتأكد أهمية الالتفات إلى ما يستجد من ظواهر الفكر الإسلامي وقضاياه والتوقف عندها ودراستها فحصا وتبصرا تحليلا ونقدا، تفكيكا وتركيبا، واقعا واستشرافا سعيا لتكوين المعرفة بها نظرا، وإتقان طريقة التعامل معها عملا أملا بتحفيز الفكر الإسلامي والانتقال به من وضعية الانغلاق إلى وضعية الانفتاح ومن حالة القطيعة إلى حالة التواصل، ومن ظرفية الجمود إلى ظرفية اليقظة والنهوض، وضمن هذا السياق في دراسة ظواهر الفكر الإسلامي وقضاياه يأتي هذا الكتاب متوقفا عند بعض هذه الظواهر والقضايا متناولا خمس قضايا مهمة وحيوية هي: الحرية والتطرف الديني والسلام العالمي والتسامح الديني ومراجعة التراث مقدما مقاربات ومطالعات فكرية ،وتاريخية تحليلية ونقدية نظرية وتطبيقية متتبعا الشواهد والنصوص والأقوال والمقولات، متخذا من الوثائق والتجارب والأشخاص مستندا ونموذجا، مندرجا من ناحية الموضوع في إطار الفكر الإسلامي والحوار الديني أما المؤلف الصديق الدكتور محمد الناصري فهو ينتمي إلى الجيل الجديد من الباحثين الأكاديميين الجادين عرف منخرطا في دراسة الفكر الإسلامي قضاياه وظواهره مناهجه واتجاهاته أشخاصه ونماذجه واقعه ومآلاته متصلا بهذا الحقل بحثا وتدريسا بحثا على مستوى التأليف والنشر وتدريسا على مستوى التعليم الجامعي بصفته أستاذا للفكر الإسلامي في جامعة السلطان مولاي سليمان في مدينة بني ملال المغربية.