لا تعسف في القول بأن العالم الإسلامي اليوم أضحى ساحة مفتوحة للصراع والقتال والاحتراب في الكثير من بلدانه، صراع وقتال واحتراب يقف خلفه في معظم الأحوال جماعات يقودها أفراد يدعون الانتساب إلى الدين ويحتكرون فهمه، ويعتبرون أنفسهم الأحق بالدفاع عنه. يستندون في ذلك لآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأقوال علماء، يفسرونها بما يخدم أهدافهم. الأمر الذي يقتضي تحليلا للمفاهيم والمرتكزات التي ينبني عليها فكر الغلو والتطرف، والكشف عن الآليات التي يشتغل وفقها هذا الفكر، لأجل نقدها وتقويمها على نحو يمكن من إبراز أزمة هذا الفكر وإظهار تهافت منطلقاته وغاياته. من ذلك مفاهيم: الولاء والبراء، الحاكمية، ثنائية دار الإسلام ودار الكفر…
تقدم هذه المقالة قراءة في البنية الفكرية التي ترتكز عليها الحركات الأصولية الإسلامية المعاصرة في تبرير أشكال التطرف وأعمال العنف والإرهاب، محاولة استكشاف الخلفيات التي تجعل أنصار هذه الجماعات يعتقدون بأن البلدان العربية والإسلامية ومجتمعاتها المعاصرة دار حرب وأرض قتال.