موضوع المقالة يتكئ على مسلمة متضمنة فيها، وهي أن القرآن الكريم كتاب الإنسان، وإنما نزل لخدمة الإنسان، وليعيد للإنسان أصالته، ويعترف بإرادته. فالقرآن إما حديث إلى الإنسان، أو حديث عن الإنسان. مما يمكن معه تأكيد إنسانية الخطاب القرآني، وأن النزعة الإنسانية القرآنية أرفع درجة من غيرها.
لكن وقبل بيان جوانب ومكونات وثمرات النزعة الإنسانية في القرآن، بما يدحض كل دعاوى غياب الاهتمام بقضايا الإنسان في القرآن. إذ نسمع في العديد من الأوساط بأن الحضارة الغربية المعاصرة تقوم على النزعة الإنسانية، وتعتبر الإنسان أساس بنائها وهدفها؛ بينما جاءت أحكام القرآن لتحطم شخصية الإنسان، وتجعله عاجزا أمام الله، ومخلوقا مسلوب الإرادة، يلتمس من الله تلبية مطالبه عن طريق الدعاء والابتهال. قبل كل هذا يجدر بالباحث ابتداء تحديد مقصوده من النزعة الإنسانية، خاصة وأن مفهوم النزعة الإنسانية غربي النشأة.