قراءة في كتاب : “معالم في المنهج القرآني”
تأليف الدكتور طه جابر العلواني
إن مشروع إسلامية المعرفة، مشروع منهجي، منطلقه الحديث في قضية منهجية الفكر الإسلامي باعتبارها نابعة من أزمة وجود الأمة الإسلامية في العصر الحديث وأسبابها. ويكمن جوهر هذه الأزمة في الجمود والقصور الذي ألم بمنهجية الفكر الإسلامي، فأزمة الأمة أزمة فكرية جوهرها منهجي. ولا سبيل لهذه الأمة في أزمتها الحضارية المعاصرة من خلاص إلا بالوعي بأهمية المنهج.
ويعد الدكتور طه جابر العلواني من أهم ممثلي المشروع، ومن المنظرين اللامعين له. فمنذ استشهاد الدكتور اسماعيل راجي الفاروقي، يكاد يكون طه جابر العلواني المتحدث الرسمي باسم مشروع إسلامية المعرفة، والمنظر الأول للفكرة. لهذا تميزت كتاباته بطابعها التأسيسي. ويمكن لمتتبع المتن الفكري لطه جابر العلواني أن يلحظ بيسر مدى محورية الهم المنهجي في مؤلفاته، بالنظر إلى عديد الكتابات التي عالج من خلالها الدكتور طه جابر الإشكال المنهجي القائم في الفكر الإسلامي المعاصر، بدءا بمؤلفه الموسوم ب: “إصلاح الفكر الإسلامي بين القدرات والعقبات، ورقة عمل”، وكتابه: “نحو منهجية معرفية قرآنية”، وصولا إلى كتابه: “معالم في المنهج القرآني”، الذي نتناوله –هنا- بالدراسة والمراجعة.
وهذا الكتاب –حين نريد تصنيفه- يمكن أن نقول: أنه دراسة قرآنية أعني أنها بدأت بالقرآن العظيم وانطلقت منه، وعاشت في رحابه، وبقيت تصدر منه وترد إليه حتى نضجت واستوت على سوقها، لم تأت القرآن مقتبسة مستشهدة لآراء كونتها، ثم جاءت تجعل آياته عضين تعزز بها مذاهبها، وتستشهد به لمواقفها، بل جاءته معلنة فقرها وحاجتها واضطرارها إليه مع يقين تام بأنها ستجد في القرآن المجيد ضالتها، وفي مكنونه المتكشف للمتطهرين بغيتها وغاياتها، فهي دراسة نموذجية في طريقة تكوينها وبنائها، وتعاملها مع القرآن المكنون فضلا عن نموذجيتها في القضايا التي تناولها. ولقد بقي المؤلف –وفقه الله- يتدبر آيات الكتاب الكريم، ويرتاد مغانيها ومعانيها ويقلب الفكر في قضايا المنهج ليصل إلى بناء هذه الدراسة…
حفظكم الله ونفع بكم، وجعلكم قدوة لمن بعدكم